في يوم الاثنين الخامس من أغسطس 2024، شهدت أغلب الأسواق العالمية خسائر كبيرة لم تشهدها منذ سنوات، نتيجة مبيعات مكثفة طالت مختلف الأصول، بما في ذلك الأسهم والعملات والمعادن والعملات المشفرة. كانت هذه الخسائر مدفوعة بمخاوف عالمية تتعلق بموضوع واحد، لكنه خطير جداً. فما الذي حدث تحديداً؟
بدأت الأزمة في سوق الأسهم اليابانية، التي شهدت انخفاضًا حادًا بنسبة 12%، وهو الأسوأ منذ 37 عامًا، مما جعل بعض المحللين يقارنون الوضع بـ “الاثنين الأسود”. هذا الهبوط لم يقتصر على اليابان فقط، بل شمل أيضًا أسواقًا آسيوية أخرى، حيث محا مؤشر توبكس مكاسبه السنوية، وشهد أكبر عمليات بيع منذ “الاثنين الأسود” في أكتوبر 1987.
اقرأ أيضاً: عاجل: أسواق المال تتعرض لانهيارات حادة والكريبتو يسجل تراجعاً كبيراً
في أوروبا، تراجع مؤشر ستوكس أوروبا 600 القياسي بنسبة 2.2%، وفقًا لصحيفة فايننشال تايمز، مع مؤشرات على أن الاتجاه النزولي سيمتد إلى أسواق الولايات المتحدة.
ولم يسلم سوق العملات المشفرة من الاضطراب؛ حيث انخفض سعر البيتكوين بنسبة 16% ليصل إلى 52,740 دولارًا، وتراجع سعر الإيثر بنسبة 17% ليبلغ 2,200 دولار.
وفي الولايات المتحدة، انخفض مؤشر الداو جونز بأكثر من 1,200 نقطة، وسجل مؤشر ناسداك خسائر تقارب 4%، بينما لم يكن مؤشر إس آند بي 500 ببعيد عن هذه الموجة السلبية.
ما السبب وراء خسائر الأسواق العالمية؟
تشير التقارير إلى أن هذه الخسائر ناتجة عن القلق من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تأخر في استجابته لإشارات ضعف الاقتصاد الأمريكي، مما قد يجبره على تنفيذ سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة بسرعة. تتوقع الأسواق حالياً تخفيضات بنسبة 1.25%، أي خمس تخفيضات بمقدار 25 نقطة أساس لكل منها عبر اجتماعات بنك الاحتياطي الفيدرالي الثلاثة المتبقية لهذا العام.
تزايدت المخاوف بشأن صحة أكبر اقتصاد في العالم مع تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، مما زاد الضغط على الأسواق التي تواجه بالفعل خروج المستثمرين من أسهم التكنولوجيا ذات القيمة العالية.
رغم إبقاء بنك الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأسبوع الماضي، أظهر رد فعل السوق بعد بيانات الوظائف يوم الجمعة الماضي أن المستثمرين يعتقدون أن البنك المركزي الأمريكي ربما أخطأ بعدم خفض أسعار الفائدة.
أظهرت بيانات وزارة العمل الأمريكية إضافة الاقتصاد الأمريكي نحو 114 ألف وظيفة الشهر الماضي، وهو تباطؤ حاد مقارنة بـ179 ألف وظيفة أضيفت في يونيو، وأقل بكثير من توقعات المحللين البالغة 185 ألف وظيفة. كما ارتفع معدل البطالة إلى 4.3% من 4.1%.
في هذا السياق، انضم خبراء الاقتصاد في جي بي مورغان إلى استراتيجيي وول ستريت في مطالبة بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 0.5 نقطة مئوية في اجتماعيه المقبلين.
ما هو المتوقع؟
رفع الاقتصاديون في بنك غولدمان ساكس توقعاتهم لاحتمالية حدوث ركود في الولايات المتحدة العام المقبل من 15% إلى 25%. ومع ذلك، يعتقدون أن هناك أسبابًا لعدم القلق المفرط، حتى مع الزيادة الكبيرة في معدلات البطالة، وفقًا لمجلة فورتشن.
وفقًا لتقرير لـ CNN، صرح جان هاتزيوس، كبير الاقتصاديين في غولدمان ساكس، قائلاً: “نعتقد أن خطر الركود محدود، ويبدو أن الاقتصاد بشكل عام في حالة جيدة، مع عدم وجود اختلالات مالية كبيرة، ولدى الاحتياطي الفيدرالي مجال واسع لخفض أسعار الفائدة بسرعة إذا لزم الأمر.”
يتوقع فريق هاتزيوس أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة القياسي بمقدار 25 نقطة أساس بين سبتمبر ونوفمبر وديسمبر، بينما يتوقع جي بي مورغان وسيتي جروب خفضًا بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر.
كما أعرب الاقتصاديون عن شكوكهم بشأن احتمال تدهور سوق العمل الأمريكي بسرعة، مشيرين إلى أن الوظائف الشاغرة تعكس طلبًا قويًا وعدم وجود صدمات واضحة تؤدي إلى الانكماش.
وفقًا لبيانات “بلومبرج”، تشير تداولات سوق المقايضات إلى احتمال بنسبة 60% لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بشكل طارئ خلال أسبوع.
بوجه عام، ارتفعت توقعات الأسواق لخفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي بشكل أكثر حدة هذا العام، حيث ترى الأسواق الآن احتمالًا بنسبة 92% لخفض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس أو أكثر بحلول نهاية العام، وفقًا لأداة “فيد ووتش”.