شهدت أسهم شركتي “إكس بينغ” و”جيلي” الصينية تراجعًا حادًا اليوم، في ظل مخاوف المستثمرين من صعوبة مواكبة الخطوة الاستراتيجية التي أقدمت عليها “بي واي دي”، والتي أعلنت عن تقديم ميزات القيادة الذكية مجانًا في جميع طرازاتها تقريبًا. أثار هذا القرار قلقًا واسعًا في سوق السيارات الكهربائية، حيث انخفضت أسهم “إكس بينغ” بنسبة بلغت 8.4%، بينما هوت أسهم “جيلي” بنسبة 11.1%، في أكبر تراجع يومي منذ الثامن من أكتوبر 2024. في المقابل، ارتفعت أسهم “بي واي دي” المدرجة في بورصة هونغ كونغ بنسبة 4.5%، محققة مستوى قياسيًا قبل أن تقلص مكاسبها إلى 0.4%.
وجاء هذا التحول بعدما طرحت “بي واي دي” أمس 21 طرازًا مجهزًا بنظامها المتطور للمساعدة على القيادة “عين الإله”، الذي يضاهي نظام “تسلا” في القيادة الذاتية، دون أي تكلفة إضافية. ويعد طراز “سيغال”، الذي يبلغ سعره 9555 دولارًا، الخيار الأقل تكلفة بين هذه الطرازات، وهو ما يمنح “بي واي دي” ميزة تنافسية كبرى أمام منافسيها. هذه الخطوة أثارت مخاوف من اندلاع حرب أسعار جديدة في سوق السيارات الكهربائية، الذي يشهد أصلًا تنافسًا محمومًا، وهو ما دفع بعض المحللين إلى مقارنته بالتأثير الذي أحدثته شركة الذكاء الاصطناعي الصينية “ديب سيك” في القطاع التكنولوجي العالمي من خلال طرح خدماتها بأسعار منخفضة.
وفي ظل هذه التطورات، وصف محللو “نومورا” ما يجري بأنه “بداية حقبة جديدة في تعميم القيادة الذكية”، حيث كانت “بي واي دي” تتيح هذه الميزات في السابق فقط ضمن الطرازات التي تبدأ أسعارها من 30 ألف دولار، في حين أن “تسلا” تقدم خدمات القيادة الذاتية في الصين ضمن طرازاتها التي يبدأ سعرها من 32 ألف دولار، مع فرض رسوم إضافية تبلغ 8 آلاف دولار مقابل برنامج القيادة الذاتية الكامل في الولايات المتحدة، أو 99 دولارًا شهريًا بنظام الاشتراك، علمًا بأن هذا البرنامج لم يُطرح بعد في السوق الصينية.
اقرأ أيضاً: أسهم BP تسجل أعلى مستوى لها منذ أغسطس بعد زيادة حصة إليوت مانجمنت
من جهتها، امتنعت “إكس بينغ” عن التعليق المباشر، مكتفية بالإشارة إلى تصريحات مؤسسها “هي شياو بينغ”، الذي نشر تعليقًا عشية إعلان “بي واي دي”، قال فيه: “نرحب بالإعلان الرسمي المرتقب من قبل إحدى كبرى شركات صناعة السيارات، والتي أكن لها احترامًا بالغًا على استراتيجيتها في القيادة الذكية، حيث ستسهم في نشر هذه التقنية ليس فقط داخل الصين، بل على مستوى العالم”.
وفي هذا السياق، أكد “جون زينغ”، رئيس التوقعات السوقية في شركة “غلوبال داتا” الاستشارية، أن “إكس بينغ” وشركات أخرى عديدة باتت تواجه ضغوطًا هائلة، مشيرًا إلى أن مجاراة “بي واي دي” عبر تقديم ميزات مماثلة بنفس الأسعار المنخفضة سيشكل تحديًا صعبًا. في المقابل، كانت “ليب موتور”، الشريك الصيني لمجموعة “ستيلانتيس”، أولى الشركات التي بادرت بالرد، حيث كشفت اليوم عن طراز كهربائي جديد مزود بتقنيات القيادة الذكية بسعر يقل عن 150 ألف يوان (20,529 دولارًا).
أما “ريتشارد يو”، رئيس وحدة حلول السيارات الذكية في “هواوي”، والتي تسعى بقوة لتعزيز حضورها كمزود رئيسي لتقنيات السيارات الذكية في الصين، فقد أبدى تحفظًا ضمنيًا على هذه المنافسة، إذ كتب على حسابه الشخصي على منصة “ويبو” أن “القدرة على تجميع ميزات قابلة للاستخدام في القيادة الذكية تختلف تمامًا عن تحقيق معايير الأمان والكفاءة”. ورغم أنه لم يذكر “بي واي دي” بالاسم، إلا أن تعليقاته عكست جدلًا واسعًا بشأن مدى فعالية هذه الميزات في ظل انخفاض تكلفتها.
وتأتي هذه التطورات وسط منافسة شرسة تشهدها السوق الصينية، أكبر سوق للسيارات في العالم، حيث دخلت صناعة السيارات الكهربائية في موجة تخفيضات سعرية عنيفة خلال السنوات الثلاث الماضية، مما أجبر شركات أجنبية على إعادة هيكلة عملياتها، ودفع بعض الشركات الناشئة إلى التراجع أو الخروج من السوق.
وفي هذا الإطار، لعبت “بي واي دي” دورًا رئيسيًا في هذه الحرب السعرية، حيث واصلت تقديم خصومات مكثفة على طرازاتها، لا سيما ضمن سلسلتي “داينستي” و”أوشن”، إلى جانب طرح إصدارات جديدة بوتيرة تفوق بكثير منافسيها من الشركات العالمية. من جانبهم، يسعى مصنعو السيارات الكهربائية الأصغر حجمًا لمواكبة هذه الوتيرة، إذ كشف مؤسس “نيو”، “ويليام لي”، خلال بث مباشر أمس، عن أن الشركة تخطط لطرح طرازات جديدة بشكل دوري، بمعدل طراز جديد كل ثلاثة أشهر اعتبارًا من أبريل المقبل.
