استقرت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية يوم الثلاثاء، بينما شهد الدولار ارتفاعاً طفيفاً، في حين تراجعت أسهم التكنولوجيا في آسيا في تداولات مضطربة. يأتي هذا التطور في أعقاب تقدم شركة صينية ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، ما أثار مخاوف بشأن هيمنة الولايات المتحدة واستثماراتها في هذا القطاع الحيوي الذي يُعد من بين أكثر القطاعات سخونة في الأسواق العالمية.
سجلت شركة تصنيع الرقائق “نيفيديا” انخفاضاً تاريخياً بنسبة 17% يوم الاثنين، ما أدى إلى خسارة تقارب 593 مليار دولار من قيمتها السوقية، وهي أكبر خسارة من نوعها في تاريخ الأسواق. ومع ذلك، شهد السهم ارتفاعًا طفيفًا في التداولات اللاحقة، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر “ناسداك 100” بنسبة 0.1%. ورغم ذلك، ظل المزاج العام متوترًا في الأسواق.
في ذات السياق، سجل مؤشر فيلادلفيا لأشباه الموصلات انخفاضاً حاداً بنسبة 9.2%، وهو أكبر تراجع له منذ مارس 2020. وقال برنت دونيلي، رئيس شركة “سبيكترا ماركتس” للتداول والتحليل: “نحن أمام بداية إعادة تقييم جذرية لسرد استثماري سيطر على الأسواق لمدة عامين تقريباً، مما يجعل تجاوز هذه الأزمة خلال وقت قصير أمراً صعبًا.”
امتدت تداعيات هذا التراجع إلى الأسواق الأوروبية، حيث استقرت العقود الآجلة الأوروبية عموماً، وارتفعت عقود مؤشر “فايننشال تايمز” البريطاني بنسبة 0.2%.
تصفح أيضاً: اتفاق أمريكي-كولومبي بشأن الترحيل يؤجل التهديدات بالعقوبات والتعريفات الجمركية
انعكس تأثير التراجع الحاد في “نيفيديا” على الأسواق العالمية، حيث امتدت عمليات البيع إلى مختلف المكونات المرتبطة بسلاسل توريد الذكاء الاصطناعي. فقد شهدت أسهم شركات الكابلات، ومراكز البيانات، والمرافق، وشركات البرمجيات تراجعًا ملحوظًا. وفي اليابان، هبط سهم شركة “أدفانتست”، المورد الرئيسي لـ”نيفيديا”، بنسبة 11%، مسجلًا انخفاضًا بنسبة 19% خلال يومين. كما تراجعت أسهم مجموعة “سوفت بنك” بنسبة 5%، لتصل خسائرها إلى 13% خلال يومين. بالإضافة إلى ذلك، هبط سهم “فوروكاوا إلكتريك”، المصنع لكابلات مراكز البيانات، بأكثر من 8%، مسجلًا تراجعًا بنسبة 20% خلال جلستين.
تزامنًا مع ذلك، تراجع مؤشر “نيكاي” الياباني بنسبة 1.3%. وفي الوقت نفسه، ظلت الأسواق الآسيوية الأخرى هادئة بسبب عطلة رأس السنة القمرية في الصين وتايوان وكوريا الجنوبية، بينما تقلصت ساعات التداول في هونغ كونغ.
وفي ظل هذه التطورات، واصلت سندات الخزانة الأمريكية استقرارها بعد ارتفاعها يوم الاثنين، حيث بلغ العائد على السندات لأجل عشر سنوات 4.55%.
أثارت شركة “ديب سيك”، الناشئة من مدينة هانغتشو الصينية، جدلًا واسعًا في الأسواق بعد إعلانها عن مساعد ذكاء اصطناعي مجاني تم تطويره بتكاليف منخفضة باستخدام رقائق أرخص وبيانات أقل مقارنة بمنافسيها الأمريكيين. وقال جوش مايرز، الخبير في القطاع لدى “جي بي مورغان”، في مذكرة للعملاء: “ما يقلق المستثمرين هو أن ديب سيك نجحت في تقديم نماذج أداء متفوقة بميزانية محدودة للغاية. يُنظر إلى هذا الإنجاز كضربة قاسية للشركات الكبرى مثل أوبن إيه آي وغوغل وأنتروبيك، ويثير تساؤلات حول جدوى الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية.”
وفي أستراليا، امتدت تداعيات عمليات البيع إلى أسهم شركات تأجير مراكز البيانات، بينما أثرت انخفاضات أسعار اليورانيوم سلبًا على شركات التعدين.
استقرت أسعار النفط بعد خسائر يوم الاثنين، حيث استقر خام برنت عند 77.44 دولارًا للبرميل. أما الذهب، الذي تعرض لتراجع بسبب بيع المستثمرين لأصولهم لتغطية الخسائر، فقد استقر عند 2,742 دولارًا للأوقية.
وفي أسواق العملات، تراجع الين الياباني والفرنك السويسري عن مكاسبهما المسجلة يوم الاثنين، مما دفع الدولار إلى مستوى 155.61 ين، مع تسجيله مكاسب واسعة أمام العملات الرئيسية الأخرى.
يترقب المستثمرون هذا الأسبوع اجتماعات البنوك المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا، فضلًا عن إعلانات الأرباح المنتظرة من شركات كبرى مثل مايكروسوفت، تسلا، وميتا يوم الأربعاء، حيث يُتوقع أن تواجه هذه الشركات تساؤلات حول خططها المستقبلية للاستثمار في البنية التحتية للحوسبة.
وقال كريستوفر وود، رئيس استراتيجيات الأسهم العالمية لدى جيفريز: “ستؤدي أخبار ديب سيك إلى زيادة الضغوط على سلسلة توريد أجهزة الذكاء الاصطناعي، وسط مخاوف من أن شركات كبرى مثل ميتا قد تغير استراتيجياتها وتخفض نفقاتها الرأسمالية.”