شهد الدولار الأميركي صعوداً مفاجئاً وسريعاً أمام معظم العملات العالمية في الأيام الأخيرة، مما أثار تساؤلات حول الأسباب التي تقف وراء هذا الارتفاع الكبير، رغم التوقعات السائدة بين الاقتصاديين والمصرفيين بخفض قريب لأسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وفقا لموقع العربية .
تفسير الارتفاع المفاجئ في الدولار الأميركي
في تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، تم تسليط الضوء على العلاقة بين فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية وارتفاع الدولار. وقال التقرير إن الدولار شهد قفزة كبيرة في اليوم التالي للانتخابات، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ سنوات مقابل سلة من العملات الرئيسية. استمر هذا الارتفاع ليحقق الدولار أعلى مستوى جديد له هذا العام في منتصف الأسبوع الماضي.
يعود هذا الصعود إلى إعادة تقييم الأسواق لسياسات ترامب الاقتصادية، حيث راجع الاقتصاديون والتجار توقعاتهم بشأن العملة الأميركية في ظل السياسات التي يعتزم الرئيس المنتخب تنفيذها. وقد شكل هذا الارتفاع تحولاً حاداً في سعر الدولار بعد ثلاثة أشهر من التراجع المستمر، حيث سجل الدولار أدنى مستوى له لعام 2023 في نهاية سبتمبر الماضي.
لعلك ترغب في تصفح: أسعار الفائدة تثير القلق وتدفع الأسهم الأمريكية للانخفاض عند الإغلاق
التقلبات الحادة وتأثيرها على الاقتصاد العالمي
بينما يمكن أن يكون الدولار القوي مفيدًا للمستهلكين الأميركيين من حيث القدرة الشرائية الأرخص للسلع الأجنبية والسفر إلى الخارج، إلا أن هذا الوضع قد يكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي. فالارتفاع الكبير في قيمة الدولار قد يؤدي إلى زيادة تكاليف السلع الأساسية، مثل النفط، ويزيد من التضخم في البلدان ذات العملات الأضعف. كما أن الشركات الأميركية المصدرة قد تجد نفسها في وضع غير تنافسي نتيجة لتزايد تكلفة صادراتها.
وفقًا لـ “نيويورك تايمز”، يمكن أن تكون هذه التقلبات الحادة في سعر الدولار مزعزعة للاستقرار الاقتصادي العالمي، خاصة أن العملة الأميركية تمثل جزءًا كبيرًا من التعاملات المالية العالمية، إذ تدخل في نحو 90% من معاملات الصرف الأجنبي.
الرؤية المستقبلية: هل يستمر الدولار الأميركي في الارتفاع؟
رغم أن ترامب قد صرح في عدة مناسبات بأنه يفضل أن يرى الدولار ضعيفًا من أجل تحفيز الصادرات الأميركية، إلا أن السياسات التي وعد بها، مثل فرض الرسوم الجمركية على الواردات وخفض الضرائب، قد تؤدي في الواقع إلى تعزيز قيمة الدولار.
وفي هذا السياق، قال ستيفن إنجلاندر، محلل النقد الأجنبي في ستاندرد تشارترد، إن “ترامب هو المحرك الرئيسي لارتفاع الدولار”. وأوضح أن التعريفات الجمركية التي تعهد ترامب بفرضها على السلع المستوردة من شأنها جعل الواردات أكثر تكلفة، مما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات المحلية.
من جهته، أشار مات بوش، الخبير الاقتصادي الأميركي في جوجنهايم إنفستمنتس، إلى أن قوة الدولار تعكس “استثنائية الولايات المتحدة” في ظل اقتصادها الأقوى، مع احتمالية ارتفاع التضخم في المستقبل.
التوقعات المستقبلية: هل سيستمر الدولار في الصعود؟
لكن بعض المحللين، مثل فريق سوسيتيه جنرال، لا يتوقعون أن يستمر الدولار في الارتفاع بشكل كبير في الأشهر المقبلة. وفقًا لهم، فإن الدولار قد يصل إلى ذروته بحلول نهاية عام 2024. وفي تقرير بحثي حديث، كتب المحللون: “طالما أن النمو الاقتصادي الأميركي لا يزال قويًا، وأسعار الفائدة الأميركية مرتفعة، وثقة العالم في الدولار كما هي، فإن العملة الأميركية ستظل في موقف قوي. ومع ذلك، نعتقد أنه من غير المحتمل أن ترتفع قيمته إلى مستويات أعلى بكثير في المستقبل القريب”.
1 فكرة عن “العوامل وراء ارتفاع الدولار الأميركي بعد فوز ترامب”
Pingback: غولدمان ساكس: استمرار تراجع اليوان الصيني وارد