شهدت الأسواق العالمية تراجعاً نتيجة المخاوف المتزايدة بشأن ديون الولايات المتحدة وهبوط مؤشرات وول ستريت. اللافت أن الأسواق لم تُظهر رد فعل قوي تجاه تهديدات الرئيس دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي، ولا بعد تعليق هذه الإجراءات أو صدور أحكام قضائية بعدم قانونية معظم الرسوم.
كما تجاهلت الأسواق الأخبار المتعلقة بتعثر المحادثات التجارية مع الصين وتبادل الاتهامات، وفقاً لشبكة “CNBC” و”العربية Business”.
ووفقاً لتقرير صادر عن “Bespoke Investment Group”، فإن الأسواق تجاهلت إلى حد كبير الأخبار التجارية خلال مايو، بخلاف شهري مارس وأبريل حيث تفاعلت معها سلباً.
تشير تحليلات وول ستريت إلى أن السوق بدأت تستوعب سيناريو “رسوم جمركية عالمية بنسبة 10%” مع نسب أعلى على الصين وبعض القطاعات، ما يرفع المعدل الفعلي إلى أكثر من 15%. ورغم ارتفاع الاحتكاك التجاري مقارنة بالماضي، إلا أنه لا يُعتبر كارثياً بالمقارنة مع السيناريوهات القصوى التي أثارت الذعر سابقاً.
دعم من البيانات الاقتصادية و”السبعة العظام”
تدعم السوق حالياً مجموعة من البيانات الاقتصادية المستقرة نسبياً، مثل ارتفاع طفيف في طلبات إعانات البطالة دون قفزات مفاجئة، واستقرار نسبي في إنفاق المستهلكين، وتباطؤ في سوق الإسكان دون تدهور إضافي، بالإضافة إلى هدء في سوق السندات مع تراجع العوائد.
ومع ذلك، تحمل هذه الأرقام تحذيراً ضمنياً، إذ قد تكون مؤقتة أو غير معبرة بالكامل عن تأثير الرسوم الجمركية، خاصة مع تسارع الطلب المسبق لتفاديها.
في المقابل، عادت أسهم شركات التكنولوجيا العملاقة المعروفة بـ”السبعة العظام” (Mag 7) لقيادة السوق مجدداً، حيث سجلت نمواً في الأرباح بنسبة 27% على أساس سنوي، متفوقة بـ11 نقطة مئوية على التوقعات بحسب “FactSet”، بينما نمت أرباح بقية الشركات بوتيرة أبطأ بكثير.
التحديات داخل “السبعة العظام”
رغم الأداء القوي للمجموعة، فإن الصورة ليست مثالية؛ إذ تعاني “أبل” من تراجع، وخسرت “إنفيديا” مكاسبها بعد صدور نتائجها، فيما تواجه “ألفابت” خصماً في التقييم بسبب مخاوف تأثير الذكاء الاصطناعي على إيرادات البحث.
أما “تسلا” فتظل حالة استثنائية، حيث تعتمد قيمتها السوقية البالغة 1.1 تريليون دولار بشكل أكبر على وعود مستقبلية مثل سيارات الأجرة ذاتية القيادة والروبوتات، أكثر مما تعتمد على أرباحها الحالية.
اقرا ايضا:تحليل مؤشر ناسداك اليوم – الثلاثاء 3 يونيو 2025
خلاصة المشهد
لا تراهن الأسواق اليوم على البيانات الحالية فقط، بل تسعر ضمنياً سيناريوهات أكثر تفاؤلاً بخصوص التجارة والنمو الاقتصادي. وبينما يترقب المستثمرون تحركات الاحتياطي الفيدرالي، يواصلون الاعتماد على “السبعة العظام” ورواية “التكنولوجيا التحولية” كدعامات رئيسية للسوق.
وبعد موجة الذعر التي اجتاحت الأسواق قبل شهرين، يبدو أن الوقت الحالي ليس للشراء العشوائي، بل للمراقبة الدقيقة لمراقبة ما إذا كانت التوقعات المتفائلة ستصمد أمام الواقع الاقتصادي.