الرئيسية » سياسة وإقتصاد » كوسوفو في مرمى العقوبات الأوروبية: أزمة اقتصادية وتهديد للانتخابات القادمة

كوسوفو في مرمى العقوبات الأوروبية: أزمة اقتصادية وتهديد للانتخابات القادمة

كوسوفو

تعاني كوسوفو من تداعيات العقوبات التي فرضتها الاتحاد الأوروبي في وقت حساس قبيل الانتخابات المقررة في 9 فبراير الجاري. رئيس وزراء كوسوفو، ألبين كورتي، يسعى لإعادة انتخابه، بينما يتهم الاتحاد الأوروبي حكومته بتأجيج التوترات العرقية في شمال البلاد، الذي يقطنه أغلبية صربية، مما أدى إلى فرض قيود اقتصادية على الحكومة في عام 2023. هذه العقوبات كان لها تأثير كبير على العديد من المشاريع التنموية في البلاد، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية التي كان من المقرر أن يتم تمويلها من الاتحاد الأوروبي.

في مدينة بريزرن، التي تُعد واحدة من أبرز مدن كوسوفو، كان سينما “لومبارثي” بمثابة نافذة للأهالي للتعرف على ثقافات العالم المختلفة، حيث كانت تعرض أفلاماً من اليابان والصين والولايات المتحدة، وتستضيف فنانين دوليين في مهرجانها السنوي للأفلام الوثائقية. ومع ذلك، فإن هذا المكان الثقافي الذي يمثل جزءاً من الهوية المحلية، يواجه أزمة مالية خانقة، حيث كان يعتمد على منحة بقيمة 1.5 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لإجراء تجديدات على أنظمته للتدفئة والصرف الصحي.

ولكن في 7 أكتوبر الماضي، تلقى المدير التنفيذي للمكان، أريس شبورطا، رسالة عبر البريد الإلكتروني من مسؤولي الاتحاد الأوروبي، تعلمه بأن المنحة قد تم إلغاؤها بسبب “الإجراءات المستمرة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على حكومة كوسوفو”، في إشارة إلى تخفيضات في تمويل الاتحاد الأوروبي نتيجة لما اعتبره الاتحاد الأوروبي دوراً من قبل كورتي في زيادة التوترات العرقية في شمال كوسوفو.

تصفح أيضاً: موظفو “إف بي آي” يرفعون دعوى قضائية ضد وزارة العدل لحماية هويتهم من الانتقام السياسي

وفي تعليق له، قال شبورطا في بهو السينما: “لقد هزت هذه الخطوة ثقة المجتمع فينا، وأيضاً في الاتحاد الأوروبي الذي يزعم دعمه للتنوع الثقافي”. وأوضح أن هناك تأثيراً كبيراً على أكثر من عشرة مشاريع تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 150 مليون يورو، والتي توقفت نتيجة للعقوبات. من بين هذه المشاريع مصنع لمعالجة مياه الصرف الصحي بقيمة 70 مليون يورو، وتجديد قاعة للحفلات الموسيقية.

ورغم أن حكومة بريشتينا قد حاولت التقليل من أهمية هذه الإجراءات، فإن تأثير العقوبات يظهر بوضوح على واقع كوسوفو، التي تُعد واحدة من أفقر دول أوروبا. مع اقتراب موعد الانتخابات، ووسط أجواء من الاستياء العام بشأن العزلة التي تواجهها البلاد، قد يؤثر هذا الوضع على فرص كورتي في الفوز بولاية ثانية. بحسب استطلاعين خاصين، حصل حزب كورتي “فتي فيندوسجي” وحلفاؤه على حوالي 40% من الأصوات، وهي نسبة أقل من 50.2% التي حصل عليها في انتخابات 2021.

وفي الوقت الذي يدافع فيه كورتي عن سياسته، مؤكداً أن حكومته قد نجحت في تقليص معدلات الجريمة، وتعزيز فرص العمل، وتحقيق نمو اقتصادي يفوق المتوسط في منطقة البلقان الغربية، إلا أن بعض المحللين يرون أن موقفه في التعامل مع القضايا العرقية والتوترات مع صربيا قد يزيد من تعقيد وضعه السياسي. وكما يرى المحللون، فإن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ترغب في رفع العقوبات لأنها لم تغير من سياسات كورتي وأثرت سلباً على المواطنين العاديين. لكن هناك معارضة من دول مثل فرنسا والمجر، اللتين تدعمان صربيا.

من ناحية أخرى، يواصل كورتي اتخاذ خطوات تصعيدية في الشمال الكوسوفي، حيث رفض العديد من المقترحات الداعية إلى منح مزيد من الحكم الذاتي للألبان في المنطقة. وقد تصاعدت الأزمة بشكل كبير بعد محاولة تعيين رؤساء بلديات من أصل ألباني في المناطق ذات الأغلبية الصربية، وهو ما أدى إلى اندلاع موجة من العنف في عام 2023، لم تشهدها البلاد منذ عقد من الزمان.

علاوة على ذلك، تؤثر العقوبات على مختلف فئات المجتمع الكوسوفي. حيث كان من المفترض أن يتم تخصيص مبلغ 70 مليون يورو لإنشاء أول محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في بريشتينا. هذا المشروع كان سيحل مشكلة تلوث نهر “سيتنيكا”، أحد أكثر الأنهار تلوثاً في أوروبا. ولكن بسبب توقف التمويل، استمرت الأزمة البيئية حيث يتم تصريف المياه العادمة في القنوات المائية.

وأما في المناطق الأخرى، فإن الحياة اليومية تتأثر بشكل واضح من جراء هذه التوترات. يشكو السكان من تلوث المياه في قنوات الصرف الصحي، حيث أصبح الروائح الكريهة تصعب من حياتهم اليومية، كما يعاني الكثيرون من صعوبة الحصول على أدوية ومستلزمات طبية بسبب الحواجز التجارية بين كوسوفو وصربيا. هذا الوضع جعل من الصعب على الأفراد الحصول على احتياجاتهم الأساسية، كما تعكس التقارير أن غالبية الناس في كوسوفو يدفعون ثمن السياسات التي تتخذها حكومتهم.

في هذا السياق، يبدو أن الوضع في كوسوفو قد وصل إلى نقطة حرجة، مما يجعل الانتخابات القادمة على رأس اهتمامات الشارع الكوسوفي والعالم. فهل سيكون للإجراءات الأوروبية تأثير أكبر على السياسة الداخلية؟ أم أن التحديات الداخلية ستستمر في تشكيل ملامح المستقبل السياسي لهذا البلد الجديد في قلب أوروبا

المصدر: رويترز

اترك تعليقاً

إخلاء المسؤولية
لا يُقصد بالمعلومات والمنشورات أن تكون، أو تشكل، أي نصيحة مالية أو استثمارية أو تجارية أو أنواع أخرى من النصائح أو التوصيات المقدمة أو المعتمدة من توصياتي 360

ازدد معرفة

يمكنك الحصول على استشارات مجانية

تنبيه !

استقبل أفضل توصيات الأسهم والمؤشرات, السلع والعملات, على بريدك الالكتروني يومياًً