شهدت عملة بيتكوين مؤخرًا قفزة قوية، تجاوزت خلالها مستوى 97 ألف دولار، في ارتفاع لافت أعقب فترة طويلة من التراجع. ويأتي هذا الصعود وسط تزايد توجه المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، على خلفية تصاعد التوترات التجارية العالمية وعزوفهم عن الأصول عالية المخاطر.
ويُعزى هذا التحول إلى مخاوف من ركود الاقتصاد الأمريكي، نتيجة السياسات التجارية الحمائية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والرسوم الجمركية التي فرضها على شركاء تجاريين رئيسيين للولايات المتحدة. وقد تسبب ذلك في موجة تقلبات حادة في أسواق العملات الرقمية وفقا لبيانات انفستنغ.
ورغم هذا الأداء القوي، لا تزال التوقعات بشأن مستقبل بيتكوين متباينة، في ظل الضبابية المحيطة بالسياسات النقدية الأمريكية، والتوترات التجارية العالمية.
ويرى محللون أن بيتكوين بدأت تلعب دورًا شبيهًا بأدوات التحوط التقليدية، وأصبحت ملاذًا آمنًا خلال فترات عدم الاستقرار. وقال جيف كندريك، المحلل في بنك “ستاندرد تشارترد”، إن التراجع الذي شهدته العملة مطلع العام قد يمهد الطريق لصعود جديد، قد يصل بها إلى مستويات قياسية خلال الربع الثاني من العام الجاري.
وأضاف كندريك في تقرير بحثي أن “البيتكوين قد تسجل ذروتها خلال الأشهر المقبلة، وقد تصل إلى مستوى 120 ألف دولار”، مؤكدًا في الوقت نفسه توقعاته لنهاية العام عند 200 ألف دولار، مدعومًا بإشارات تدل على إعادة توزيع الأصول بعيدًا عن السوق الأمريكي.
وكانت التوقعات تشير في السابق إلى صعود حاد في قيمة بيتكوين مع تولي ترامب الرئاسة، وقد اقتربت العملة بالفعل من 109 آلاف دولار في يناير، قبل أن تتراجع مجددًا تحت تأثير السياسات الجمركية المتشددة.
ويتفق محللون على أن استمرار التصعيد التجاري سيدفع المستثمرين للبحث عن أدوات بديلة للتحوط، وقد تكون العملات الرقمية أبرز هذه الأدوات، في ظل تراجع الثقة في الدولار وسندات الخزانة الأمريكية.
وفي سياق متصل، ارتفعت بيتكوين بنسبة تقارب 24% منذ إعلان الإدارة الأمريكية تأجيل تطبيق رسوم جمركية جديدة في أبريل الماضي، متجاوزة بذلك أداء العديد من أسهم شركات التكنولوجيا، وهو ما يشير إلى توجه المستثمرين الأميركيين نحو الأصول الرقمية للتحوط من المخاطر المحلية.
ومن ناحية أخرى، زاد المستثمرون الكبار أو “حيتان السوق” من وتيرة شراء بيتكوين خلال فترة الهبوط، وهو ما يعزز احتمالات استمرار موجة الصعود في الفترة المقبلة.
لكن لا يخلو المشهد من التحذيرات؛ فبعض المحللين يرون أن هذا الارتفاع مؤقت، وقد تعود بيتكوين إلى التراجع في حال فشلت المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها. ولفتوا إلى أن صعود العملة الرقمية الأخير جاء مدفوعًا بأنباء بدء الحوار الأمريكي-الصيني، وسط آمال بالتوصل لاتفاق بين أكبر اقتصادين في العالم.
وفي حال تعثر هذه المفاوضات وعودة التوترات، قد تعود بيتكوين، إلى جانب باقي الأصول ذات المخاطر العالية، للهبوط مجددًا.
تابعوا أحدث التحليلات والتوصيات عبر قناة توصياتي 360 على تيليجرام!